القضاء و القدر
بقلم
هند بومديان
................
المغرب
اليوم , يوم غير عاد , أو ربما هو عادي لديها هي بالذات , وجه ملامحه حزينة , عقل شارد , الصمت يلف المكان , تتذكر كلماته , رسالته الأخيرة , وقد كتب فيها ,
أستسمحك عذرا سيدتي,
و أرجو من سموك المعذرة ,سأودعك لكن أعلمي قبلا أنا عيني لا تنام , و لست شاعرا حتى انظم في مقلتيك قصائد من حلو الكلام , فأنا يا سيدتي لست سوى عاشق مغرم ولهان , تمنيت أن أكون روائيا لأخلد في سحرك كتب الغرام , أو رساما أداعب وجنتيك بالفرشاة و أنثر على شفتيك أحلى الألوان , تمنيت الكثير و الكثير حين أحببتك و كان السحر من ضمن الأحلام , أنفخ مثلا في الغياب , تبتسمين يرتسم القمر على وجه الماء , و على أعشاش السحب يقيم الحمام , فاعذريني سيدتي على ضعفي و يئسي و كل ما لدي كلام و كلام ... تذكري اشتياقي و حبك ترياقي , و أني رسمتك قلبا في ثنايا الوجدان ....لكن القدر أبدا لا يلام
قبلاتي و سلام ..
تنهدت و هدوئها يأس و ألم , و خناجر تقتل الروح ألف مرة , و تحيى مع كل فجر , و هي أصلا لا تنام , فقدت روحها و قلبها و كل الكيان , و لم يبق سوى جسد يجري وراءه كل إنسان , ببساطة هي امرأة الأحزان , سلالة من خالص الوجع , لكن لا شيء يرى للعيان فكبريائها أكبر مما كان , سرق النبض برحيله و ترك الكيان , هو لم يعد للآن , و هي توقفت بها السبل و الطرقان ,
خلاصة الكلام هو لن يعود , و هي لم تعد .. كل من هما ظل طريق الأخر وسط زحمة الحياة ..
و لأنها تعودت قراءة الشعر معه , و هو من علمها كيف تنظمه , إلى يومنا هذا لا زالت تبحث وسط السطور , عن حروف تحمل نفس الشعور , عن من أهداها الحياة , و قال لها ابتسمي أنت أجمل امرأة , و لم تخلق من تقرأ الشعر مثلك و بسهولة رحل ..
كتبت كثيرا و كثيرا , أرسلت البعض مع أنفاسها , و الأخر مع همسها , و تركت شيئا في قلبها عسى طيفه يزورها بعض طول غياب , كل ما رف طرف عينها , أخبرها ساعي القلوب , أن بريده اليوميلا يحمل سوى ألم و انتظار ...
أعادت قراءة الرسالة مرات و مرات , و كأنها تحمل شفرة تهدأ روعها قبل الممات , لقد ضاع الحلم و ضاعت الحياة ,
ثم و على غير المتوقع شعرت بيد تحركها بسرعة , قومي لقد تأخرت عن العمل , قامت مفزوعة , هل كنت أحلم , قالت أمها أجل استعيدي بالله من الشيطان الرجيم و قولي خيرا و سلام ,
فرحت و غيرت ثيابها , و شربت رشفة قهوة , لتجري بسرعة نحو الباب , فأستوقفتها أمها قائلة , انتظري ابنتي , خدي هذا معك إنها رسالة , و لا عنوان للمرسل , في رمشة عين مر كل الحلم أمامها , و ما جرى و ما كان , ابتسمت و قالت لامها , ضعيها في غرفتي لن أفتحها و لا تنتظريني وقت الغداء , عندي مسائل عالقة علي تغيرها قبل فوات الأوان , و قبلت يد أمها و أسرعت , دقت على الرقم المطلوب كان خارج التغطية , هو لا يقفل هاتفه ماذا جرى اليوم , أسرعت لعمله , غير موجود , فأبتدئ الحلم يأخذ دوره , هرعت مذعورة لبيته و هي تتساءل أمعقول أنه رحل دون أن يودعني , فقط بضع كلمات , أمعقول أن أعيش هكذا حلم من اجل من لا يحترم الإحساس , و قبل أن تصل للحي استوقفتها كرامتها و ولت أدراجها لعملها , فهناك شيء اسمه الحياة , و هناك شيء يدعى الكرامة و هناك شيء لا يلمس اسمه الكبرياء , مرت الأيام لكن ليست حزينة كما في الحلم , فقط بضع أيام في الأول , لكن الكبرياء و الكرامة دائما يحسنان التصرف في أغلب المواقف , و بينما هي تقلب صفحات جريدتها الصباحية , لمحت صورته و قد كتب تحتها تكريما لروح الفقيد فلان , فأحيانا تختلط المشاعر ليكتسينا الجنون دون أن نعلم أو نشعر بالفرق , فابتسمت و اعتلت الفرحة محياها أيعقل أنها فرحت لموته , أم فرحت لكرامتها التي لم تهن أم فقط سوء تفكير ......... لا فقط ابتسمت لأنها لن تعيش الحلم فهي منذ ذالك اليوم تحيى تفاصيله حتى مع رداء الكبرياء . قامت مسرعة للبيت ,بحثت عن الرسالة التي لم تعرها انتباه و فتحتها لتجد ,
إلى من أسميتها تاج النساء
أميرتي و عروسي في السماء
حورية قلبي و كنزي الثمين في الأرض و هبة الله في السماء
أعاهدك الآن و أنا أحتضر أن تظل روحك معي لن اتركها في أي مكان , و قلبي معك لا تتركيه مهما طال الزمان
كنت أتمنى أن أهديك جوري و شعرا في نفس المكان , كنت أتمنى أن أترك البسمة على شفتيك , و أمسح من قلبك قاموس الأحزان , تمنيت و تمنيت ......... لكن هذا ما جرى فطريق الحب ليست دائما بأمان , لكن اعلمي أني ما أخبرتك بمرضي , حتى لا تفارقك عيني آخر مرة إلا و ابتسامتك تنير المكان , و أن لا أترك ذكرى في قلبك تشملنا بدموع و أحزان ..
و ما أتمناه الآن أن أتمم سطوري لك لهاته الرسالة و أنت معي أعلم أنه ليس ها هنا في هذا المكان , لكن يوم البعث في سابع الجنان ............. فأنا الآن عندي موعد مع قدري
لن أقول سلام
لكن سأقول إلى أن نلتقي..........
,ساعتها فقط بكت لان القدر لا تغيره سبل الأحداث , و حلمها قد تمرغ بالدمع في الحلم و مات , ذالك مصيرها مهما تغيرت المجريات , و منذ ذالك الحين و هي .............
وجه ملامحه حزينة , عقل شارد, .....................